روسيا تغرق أوكرانيا بالصواريخ والمسيرات ردا على ترمب

قتل ثمانية مدنيين اليوم الأربعاء جراء هجمات روسية على منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا، وفق ما أعلن مكتب المدعي العام.وأوضح المصدر نفسه أن هجوماً بمسيرة روسية قبل الظهر أصاب سيارات مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص في بلدة رودينسكه. وأسفر هجوم آخر بعد 10 دقائق بواسطة قنابل ألقيت من الجو عن سقوط ثلاثة قتلى داخل مدينة كوستيانتينيفكا التي تقترب منها القوات الروسية.

وأكد سلاح الجو الأوكراني اليوم أن روسيا شنت خلال الليل أوسع هجوم بصواريخ ومسيرات منذ بدء الحرب الروسية خلال فبراير (شباط) 2022، وذلك في سياق تصاعد الضربات الروسية والمأزق الدبلوماسي. ويأتي الهجوم بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مطلع هذا الأسبوع إرسال “مزيد من الأسلحة” إلى كييف للدفاع عن نفسها في مواجهة القصف الروسي، كغطاء لتقدم القوات الروسية على الجبهة الشرقية.

وأوضح سلاح الجو الأوكراني أن روسيا هاجمت الأراضي الأوكرانية مستخدمة 728 مسيرة و13 صاروخاً، مضيفاً أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت 711 مسيرة، ودمرت ما لا يقل عن سبعة صواريخ. وأشار المصدر العسكري إلى وجود “أربعة مواقع” تعرضت للقصف من دون أن يحدد حتى الآن الأضرار الدقيقة الناجمة عن هذه الهجمات. وأضاف “الهدف الرئيس للهجوم كان منطقة فولينيا في مدينة لوتسك” على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة.

وبحسب السلطات المحلية، أصيب ثمانية أشخاص في كييف وسومي (شمال شرق) وزابوريجيا (جنوب) وخيرسون (جنوب).

وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بما قال إنه “هجوم يكشف نيات” روسيا الحقيقية ورفضها التوصل إلى وقف لإطلاق النار، خلال وقت تحرز فيه القوات الروسية تقدماً على الجبهة الشرقية. وجدد دعوته إلى “فرض عقوبات صارمة” على موسكو واقتصادها، لا سيما على قطاع النفط “الذي يغذي آلة الحرب الروسية منذ أكثر من ثلاثة أعوام”. وقال “يجب على كل من يريد السلام أن يتحرك”.

وأشار مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندري يرماك إلى أنه “من اللافت أن روسيا شنت هذا الهجوم خلال اللحظة نفسها التي أعلنت فيها الولايات المتحدة نيتها تزويدنا بالأسلحة”. من جهتها أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط 86 مسيرة أوكرانية ليلاً. وكان الكرملين أبدى أمس الثلاثاء استياءه من الإعلان الأميركي، مؤكداً أن ذلك يشجع على “إطالة أمد الحرب”.

وتطالب أوكرانيا منذ أشهر حلفاءها الغربيين بتزويدها بأنظمة دفاع جوي إضافية لمواجهة الضربات الروسية على مدنها وقراها، في حرب أوقعت آلاف القتلى المدنيين والعسكريين من الجانبين. وعلى رغم الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تقرب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ فبراير الماضي، فإن موسكو وكييف تتمسكان بمواقفهما وبعيدتان كل البعد من التوصل إلى اتفاق، سواء هدنة أو تسوية طويلة الأمد.

ولم يُعلن حتى الآن عن جولة ثالثة من المحادثات بين الروس والأوكرانيين، بعد اجتماعين في تركيا منتصف مايو (أيار) ومطلع يونيو (حزيران) الماضيين لم يسفرا عن نتائج. ندد زيلينسكي بما قال إنه “هجوم يكشف نيات” روسيا الحقيقية ورفضها التوصل لوقف النار (أ ف ب)​​​​​​​

وفي ظل الوضع الدبلوماسي الراهن يتهم القادة الأوكرانيون موسكو بالعمل على “كسب الوقت”، بينما يحرز الجيش الروسي المتفوق عدداً وعدة تقدماً شرق أوكرانيا، حتى إنه أعلن مطلع الأسبوع سيطرته على أول بلدة داخل منطقة دنيبروبيتروفسك (وسط شرق).

ويدرك فلاديمير بوتين أن الوقت يصب في مصلحة جيشه الذي يحتل نحو 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية. وأنه أنكر أخيراً سيادة أوكرانيا، مؤكداً أنه يعد “الشعبين الروسي والأوكراني شعباً واحداً”. وقال خلال الـ29 من يونيو الماضي “بهذا المعنى كل أوكرانيا ملك لنا”.

وأثارت هذه التصريحات التي تجسد حجم الهوة بين الجانبين غضب كييف، التي وصفتها بأنها “تنم عن استخفاف فج”. ورأت فيها “استخفافاً تاماً” بجهود السلام. وقالت وزارة الدفاع الروسية اليوم إن قوات موسكو سيطرت على قرية تولستوي داخل منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. وأضافت الوزارة في بيان أن القوات الروسية قصفت مطارات عسكرية أوكرانية في هجمات خلال الليل.

وأعلن الكرملين اليوم أنه يتعامل “بهدوء” مع الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخيراً لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، واتهمه فيها بالتفوه “بكم من الترهات” في شأن أوكرانيا.

وكان ترمب أكد أمس أنه وافق على إرسال أسلحة دفاعية أميركية إلى أوكرانيا ويدرس فرض عقوبات إضافية على روسيا، مما يؤكد شعوره بالإحباط من بوتين. وتعهد ترمب حينما كان مرشحاً للرئاسة بإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية في غضون يوم واحد، لكنه لم يتمكن من الوفاء بهذا الوعد، ولم تسفر جهود إدارته للتوسط في السلام عن شيء أيضاً.

يأتي الهجوم بعدما أعلن ترمب مطلع هذا الأسبوع إرسال “مزيد من الأسلحة” إلى كييف (أ ف ب)

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف رداً على سؤال حول تشديد دونالد ترمب لهجته خلال مؤتمره اليومي الذي شاركت فيه وكالة الصحافة الفرنسية، “نتعامل مع الأمر بهدوء ونعتزم مواصلة حوارنا مع واشنطن في شأن إصلاح العلاقات الثنائية المتدهورة”. وأضاف بيسكوف إن ترمب تفهم أن حل الصراع بين روسيا وأوكرانيا لن يكون سهلاً. وتابع “سمعنا أيضاً كلاماً مهماً جداً من ترمب بأن تسوية الصراع الأوكراني اتضح أنها أصعب بكثير مما كان يعتقد في البداية”.

وتابع بيسكوف أنه غير متأكد من صحة تقرير نشرته شبكة “سي أن أن”، وجاء فيه أن ترمب هدد ذات مرة بقصف موسكو لردع بوتين عن مهاجمة أوكرانيا.واستشهد التقرير بتسجيلات صوتية لترمب وهو يقول في تجمع خاص للمانحين خلال حملته الانتخابية عام 2024، إنه حذر بوتين من أنه “سيقصف موسكو” إذا هاجمت روسيا أوكرانيا. وقال بيسكوف إن هناك “عدداً من الأخبار المفبركة”، وإنه غير متأكد من صحة التقرير. 

ونقلت “سي أن أن” عن ترمب قوله أيضاً إنه وجه تحذيراً مماثلاً للرئيس الصيني شي جينبينغ من غزو محتمل لتايوان، وقال له إن الولايات المتحدة ستقصف بكين إذا حدث ذلك.

من جهة أخرى، قال وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان لوكورنو اليوم إن نزع سلاح أوكرانيا، وهو من الشروط التي وضعتها روسيا لإنهاء الحرب، يمثل “خطاً أحمر مطلقاً” بالنسبة إلى الأوروبيين. وأضاف في مقابلة مع مجلة “فالور أكتويل” الفرنسية الأسبوعية، عشية اجتماع جديد يعقده “تحالف الراغبين” المؤلف من نحو 30 دولة متحالفة مع أوكرانيا “خطنا الأحمر المطلق هو نزع سلاح أوكرانيا”. وتابع “يجب أن نكون منسجمين مع أنفسنا. لا يمكننا رفض انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وخلال الوقت نفسه القبول بأن تحرم من جيشها. يجب أن يكون بمقدور الأوكرانيين ضمان أمنهم. وهذه مسألة أساس، لأنه في حال العكس فإنني لا أرى أي ضمان لأمن الدول المجاورة”.

وبالتنسيق بين فرنسا والمملكة المتحدة يجتمع “تحالف الراغبين” غداً الخميس، بمشاركة رؤساء الحكومات المجتمعين في روما لحضور مؤتمر حول إعادة إعمار أوكرانيا. ويشارك رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يزور المملكة المتحدة، في الاجتماع من قاعدة عسكرية بريطانية.

ويعمل التحالف على توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا، ويقترح تشكيل “قوة ضامنة” بهدف ضمان وقف إطلاق نار محتمل ومنع روسيا من شن هجمات أخرى. وأعلن الكرملين الأسبوع الماضي أنه لا يرى خلال هذه المرحلة أن تحقيق أهدافه داخل أوكرانيا ممكن عبر القنوات الدبلوماسية، بعد مكالمة هاتفية فاشلة بين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب.

لكن سيباستيان لوكورنو قال إن “تحالف الراغبين يتمتع بميزة توفير إطار للتفكير في الغد”. ودانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اليوم روسيا بسبب انتهاكات عدة لحقوق الإنسان وقعت خلال عملياتها في أوكرانيا منذ عام 2014 داخل منطقة دونباس، والحرب التي بدأت خلال فبراير 2022، وإسقاط الطائرة الماليزية “أم أتش17” خلال يوليو (تموز) 2014.

وقال رئيس المحكمة القاضي الفرنسي ماتياس غويومار إن المحكمة رأت أن روسيا مذنبة بإعدام “مدنيين وجنود أوكرانيين” خارج نطاق القتال، وممارسة “أعمال تعذيب” و”تهجير غير مبرر لمدنيين”، و”التدمير والنهب ومصادرة أملاك”.

انديبنتدت عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *